البحرية GPS

غيَّر “نظام التموضع العالمي” من الطريقة التي كان يسير بها العالم. وهذا يصدق بوجه خاص على العمليات البحرية التي تشمل عمليات البحث والإنقاذ. ويوفر “نظام التموضع العالمي” أسرع وأدق وسيلة للملاحة البحرية في ما يتعلق بقياس السرعة وتحديد المكان الذي تكون فيه السفينة. وهو الأمر الذي يوفر مستويات أعلى من السلامة والكفاءة للبحارة في سائر أرجاء العالم.

نظام التموضع العالمي (Global Positioning System) ويرمز له (GPS) هو نظام ملاحة عبر الأقمار الصناعية يقوم بتوفير معلومات عن الموقع والوقت في جميع الأحوال الجوية في أي مكان على أو بالقرب من الأرض حيث هناك خط بصر غير معاق لأربعة أو أكثر من أقمار الGPS.[1][2][3] يوفر النظام قدرات مهمة للمستخدمين العسكريين والمدنيين والتجاريين في جميع أنحاء العالم. أنشأت حكومة الولايات المتحدة النظام وهي التي تحافظ عليه وجعلت الوصول له مجاني لأي شخص لديه جهاز استقبال GPS.

بدأت الحكومة الأمريكية مشروع الGPS في 1973 للتغلب على قيود نظام الملاحة السابق، حيث دمجت أفكار سابقة من ضمنها دراسات هندسية سرية من ستينات القرن الماضي. وزارة الدفاع الأمريكية هي التي طورت النظام، الذي استعمل في الأصل 24 قمراً صناعي. اصبح النظام يعمل بشكل كامل في 1995. وقد أدى التقدم في التكنولوجيا والمطالب جديدة على النظام القائم إلى تحديث نظام الGPS وتنفيذ الجيل القادم وهو ال GPS III.

إضافة إلى الGPS، هناك أنظمة أخرى تستخدم أو قيد التطوير. نظام الملاحة الروسي (غلوناس) أنشئ بالتزامن مع الGPS، لكنه عانى من تغطية ناقصة للكرة الأرضية حتى منتصف عقد ال2000. هناك أيضاً نظام غاليليو للتموضع التابع للاتحاد الأوربي (مكون من 30 قمر صناعي، 24 قمرًا في الخدمة و 6 احتياط[محل شك]) بدأ في تقديم خدماته في 2015 ومن المتوقع أن يعمل بشكل كامل بحلول 2020.

يهتم قبطان السفينة خلال الملاحة البحرية بأن يكون على علمٍ بموقع سفينته عندما تكون في عرض البحر وأيضاً في الموانئ المزدحمة والمعابر المائية. ويحتاج القبطان عندما يكون في عرض البحر إلى تحديد دقيق لموقع سفينته وسرعتها ووجهتها، لضمان أن تصل السفينة إلى وجهتها بأعلى درجات السلامة وأعلى مستويات الإقتصاد وفي الوقت المحدد حسبما تسمح الظروف. وتكتسب الحاجة إلى معلومات دقيقة حول الموقع الذي تكون السفينة فيه أهمية أكبر عند مغارة السفينة للميناء وعند العودة إليه. وحركة السفن والمخاطر الأخرى التي تكتنف المعابر المائية تجعل المناورة أكثر صعوبة، ويصبح خطر التعرض للحوادث أكبر.

أنشئ النظام أساسا أثناء الحرب الباردة لأغراض عسكرية بحتة وذلك لتوفير نظام ملاحي للجيش الأمريكي وحلفائه لمساعدة الطائرات والقطع البحرية للوصول لأهدافها في مختلف الأحوال الجوية. وقد كانت الأجهزة الأولى أضخم مما يمكن لجندي المشاة حمله بالسهولة اللازمة وفيما بعد تم تطوير النظام للاستخدام في الأسلحة الموجهة.

في هذه الأثناء توسعت التطبيقات المدنية بشكل كبير حتى أصبح لاغنى عن النظام في الحياة اليومية للمدنيين حول العالم. ويصعب تخيل عمل أنظمة مثل بطاقات الائتمان وأنظمة الصراف الآلي وكثير من شبكات الاتصال بدون وجود نظام الجي بي إس. حيث يستخدم النظام في ضبط تزامن الأجزاء المختلفة من هذه الأنظمة مع بعضها. ومن الجدير بالذكر أن استخدام النظام لضبط التزامن أهم من استخداماته المكانية الأخرى على غير المتعارف عليه عادة. وهو السبب الأساسي الذي دعى الاتحاد الأوروبي للشروع في نظام غاليليو لتقليل الاعتماد على النظام الأمريكي العسكري. وهو ما رد عليه الأمريكيون بخطة تحديث النظام المشهورة سنة 1998.

يستخدم اليوم النظام في تطبيقات مدنية أخرى على سبيل المثال:

  1. توجيه الطائرات المدنية والملاحة البحرية.
  2. الاستخدام الشخصي كالرياضة والنزهة
  3. أنظمة ملاحة السيارات وإرشاد السائق إلى الهدف.
  4. كما أن للنظام تطبيقات في ميدان الجيولوجيا والجيوديسيا وقياسات التصدعات الأرضية وحركة القارات

 

DART buoy at sea with NOAA ship in backgroundيستخدم البحارة ورسامو المحيطات بصورة متزايدة البيانات التي يوفرها “نظام التموضع العالمي” في مسح الأعماق وتثبيت العوامات(=الشمندورات) وتحديد مواقع الخطورة الملاحية ورسم الخرائط. وتستخدم أساطيل الصيد التجاري “نظام التموضع العالمي” في الإبحار إلى أفضل مناطق الصيد وفي تتبع هجرات الأسماك وفي ضمان الإلتزام بالقوانين المعمول بها في هذا الشأن.

ويُوفِّر التطوير الذي دخل على الإشارة الأساسية التي تصدر عن “نظام التموضع العالمي”، وهو التطوير المعروف باسم “نظام التموضع التفاضلي” (DGPS)، دقة أعلى وأماناً أكثر في نطاق المساحة المغطاة للعمليات البحرية. وتستخدم كثير من البلدان هذا التطوير (DGPS) في عملياتٍ مثل وضع العوامات(=الشمندورات) والكنس والتطهير. وقد حسَّن هذا التطوير من كفاءة ملاحة الموانئ.

توجد فوارق في دقة نظام تحديد المواقع العالمي حيث أن التطبيقات العسكرية أكثر دقة من الجي بي أس المدني الذي يمكن من الوصول إلى دقة بضعة أمتار (نحو 4 أمتار). حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تقوم عمدا بالتشويش على إشارات الجي بي أس لمنع استعماله مدنيا والحد من جودتها في التطبيقات المدنية، إلا أنه يبدو أنها توقفت عن ذلك منذ سنة 2000 موجهة التركيز على التشويش على رقع جغرافية محدودة. وتبث الأقمار الصناعية الأمريكية بتدفق قدره 50 بت في الثانية على موجتين:

  • الموجة للاستعمال المدني بذبذبة قدرها 1575,42 MHz (خاص للاستخدام التجاري)
  • الموجة للاستعمال العسكري بذبذبة قدرها 1227,6 MHz (خاص بوزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون)

تعمل حكومات ومنظمات صناعية على نطاق العالم كتفاً إلى كتف في سبيل تطوير معايير الأداء لعروض الخرائط الإلكترونية ونظم المعلومات التي تستخدم “نظام التموضع العالمي” و/أو “نظام التموضع العالمي التفاضلي” (DGPS) في وضع المعلومات. وهذه الأنظمة تحدث ثورة في مجال الملاحة البحرية، وسوف تحل محل الخرائط الملاحية الورقية. ويمكننا إلى جانب “نظام التموضع العالمي التفاضلي” أن نضم معلومات الموقع والرادار، ونعرض الكل على خريطة إلكترونية، وهو الأمر الذي يُشكل الأساس لـ “نظام الجسر المتكامل” الذي يجري حالياً تركيبه على متن السفن التجارية من كل الأنواع.

Cargo ship at port full of shipping containers (Credit: Port of Los Angeles)يلعب حالياً “نظام التموضع العالمي” دوراً متزايد الأهمية في إدارة المنشآت البحرية في الموانئ. وتُعد تكنولوجيا “نظام التموضع العالمي” (GPS)، إذا ما ضفرناها مع برمجيات نظام المعلومات الجغرافية(GIS) مفتاحاً لإدارة تتمتع بالكفاءة ولتشغيل حاويات أوتوماتيكية التشغيل في أكبر منشآت الموانئ العالمية. كما ييسِّر “نظام التموضع العالمي” التشغيل الآلي للإلتقاط والنقل والوضع في المكان الأنسب لعملية الحاويات عن طريق تتبع خط سيرها منذ دخولها الميناء حتى خروجها منه. وفي ظل دخول ملايين الشحنات على متن الحاويات إلى مراسي الموانئ بصفة سنوية، نجح “نظام التموضع العالمي” نجاحاً كبيراً في تخفيض عدد الحاويات المفقودة أو الضالة وقلل من تكاليف العمليات التي ترتبط بذلك الخسران.

تكمن معلومات “نظام التموضع العالمي” في نظام معروفٍ باسم نقل “نظام التعرف الأتوماتيكي” (AIS). ويستخدم هذا النظام الذي أقرته “المنظمة البحرية الدولية” في ضبط حركة مرور السفن حول المعابر البحرية المزدحمة. وهذه الخدمة ليست فقط حيوية للملاحة، ولكنها تُستخدم بصورة متزايدة في تعزيز أمن الموانئ والمعابر المائية عن طريق تزويد الحكومات بوعي مواقفي أوسع للسفن التجارية وبحمولاتها.

View from the bridge of a ship equipped with GPS navigationويستخدم هذا النظام نظاماً مرسلاً-مستجيباً يعمل على موجة “في-إتش-إف”VHF البحرية، وهو قادر على توصيل هذه السفينة بتلك وكذلك توصيل أي سفينة بالبر، وهو يبث معلوماتٍ تتصل بالتعرف على السفينة وموقعها الجغرافي، ونوعها بالإضافة إلى المعلومات التي تتعلق بحمولتها، كل هذا بصفة فورية وعلى أسس أتوماتيكية بصورة كاملة. ونظراً لأن موقف السفينة في “نظام التموضع العالمي” كامن في هذه الإشارات المبثوثة فإن كل المعلومات الأساسية حول تحركات السفينة ومحتوياتها يُمكن تحميلها بصورة أتوماتيكية في جداول إلكترونية. وقد تحسَّنت سلامة السفن التي تستخدم هذا النظام وزاد أمنها بصورة ملحوظة.

وأخيراً، في ظل عمليات التحديث التي تدخل على “نظام التموضع العالمي”، أصبح في وسع البحارة أن يتطلعوا إلى خدمة حتى أفضل. وعلاوة على الخدمة المدنية الحالية التي يوفِّرها “نظام التموضع العالمي” فالولايات المتحدة ملتزمة باستحداث إشارتين مدنيَّتين إضافيتين. وسوف يعني الوصول إلى الإشارتين الجديدتين مزيداً من الدقة ومزيداً من التكامل لكل المستخدمين.

يتألف الجى.پى.إس من ثلاث شرائح وهي: شرائح الفضاء، والتحكم، والمستخدم. فشريحة الفضاء تتألف من 24 إلى 32 قمراً صناعياً في المدار الأرضي المتوسط، وهو يتضمن أيضاً القاذفات المطلوبة لإطلاق هذه الأقمار إلى مدارها. وتتألف شريحة التحكم من محطة تحكم رئيسية، ومحطة تحكم رئيسية بديلة، ومضيف للهوائيات الأرضية المهداة والمشتركة، بالإضافة إلى محطات رصد. أما شريحة المستخدم فتتألف من مئات الآلاف من المستخدمين التابعين للجيش الأمريكي وقوات الحلفاء والذين يتمتعون بالخدمة الآمنة ” جى.پى.إس التحديد الدقيق للمواقع “، وعشرات الملايين من المستخدمين المدنيين والتجاريين والعلماء الذين يستخدمون خدمة تحديد المواقع القياسي (انظر أجهزة إملاح الجى.پى.إس). تبث أقمار الجى.پى.إس الإشارات من الفضاء والتي تستخدمها أجهزة استقبال الجى.پى.إس لتوفر موقعاً ثلاثي الأبعاد (دائرة العرض، وخط الطول، والارتفاع) بالإضافة إلى الوقت الدقيق. لقد أصبح الجى.پى.إس يستخدم على نطاق واسع كأداة ملاحة عالمية مفيدة تستخدم موجات الراديو في رسم الخرائط، ومسح الأرض، والتجارة، والاستخدامات العلمية، والتتبع والمراقبة، والهوايات مثل “الجيوكاشنج” و”الواي ماركنج”. وأيضاً يستخدم المرجع الدقيق للوقت في الكثير من التطبيقات والتي تتضمن الدراسة العلمية للزلازل، وكمصدر مزامنة لبروتوكولات شبكات الهاتف الجوال. وقد أصبح الجى.پى.إس الدعامة الأساسية في أنظمة المواصلات حول العالم، داعماً ملاحة الطيران، والعمليات البرية والبحرية. تعتمد أيضاً خدمات إغاثة منكوبي الكوارث وخدمات الطوارئ على الجى.پى.إس للتفوق في عاملي التوقيت والتحديد الدقيق للموقع في مهامهم الإنقاذية. كما إن التحديد الدقيق للوقت الذي توفره خدمة الجى.پى.إس يسهل الأنشطة اليومية مثل: عمليات البنوك، وعمليات الهواتف النقالة، وحتى التحكم في شبكات الطاقة. يمارس المزارعون، والمساحون، والجيولوجيون، والمزيد ممن لا يمكن إحصاؤهم – أعمالهم بطريقة أكثر كفاءة، وأماناً، واقتصادية، ودقة باستخدام إشارات الجى.پى.إس المجانية والمفتوحة.

أساس عمل الجي بي أس GPS[عدل]

يحسب جهاز استقبال الجى.پى.إس موقعه عن طريق حساب توقيت الإشارات التي يتم إرسالها من أقمار الجى.پى.إس الموجودة على ارتفعات نحو 36.000 كيلومتر فوق سطح الأرض. يرسل كل قمر رسائل متتالية تضم التالي:

  • وقت إرسال الرسالة
  • المعلومات المدارية الدقيقة ephemeris
  • السلامة العامة للنظام والمدارات العليلة لكل أقمار الجى.پى.إس almanac.

يستخدم جهاز الاستقبال الرسائل التي يستقبلها في تحديد وقت انتقال كل رسالة من القمر الصناعي إلى الجهاز المستقبل على الأرض. ويحسب المسافات بينه وبين كل قمر صناعي. تستخدم هذه المسافات، مع مواقع الأقمار ، ومع استخدام حساب المثلثات لحساب موقع جهاز الإرسال:أستقبال. فيتم إظهار الموقع على الجهاز المستقبل – ربما ببيان خريطة متحركة ، أو تعيين خطوط الطول ودوائر العرض ، ويمكن إدراج معلومات عن الارتفاع عن سطح البحر.

تُظهر وحدات جى.پى.إس عديدة المعلومات ، معلومات مشتقة مثل: الاتجاه ، والسرعة – محسوبة من خلال تغيرات الموقع.

ربما يبدو من الوجهة النظرية أن ثلاثة أقمار صناعية تكون كافية لتحديد أي موقع على الأرض ، وهذا لأن الفراغ يتكون من ثلاثة أبعاد. ولكن أي خطأ ولو بسيط جداً يحدث في تقدير المسافات الزمنية ، عندما يتم ضرب الثلاثة أزمنة في سرعة الضوء العظيمة – وهى السرعة التي تنتشر بها الإشارات الكهرومغناطيسية للاقمار الصناعية – تتسبب في خطأ كبير في تحديد الموقع. لهذا تستخدم أجهزة الاستقبال أربعة أقمار صناعية أو أكثر لتحدد موقع جهاز الاستقبال بدقة.

إن الوقت المحسوب بدقة شديدة تخفيه تطبيقات الجى.پى.إس – التي تحدد الموقع فقط. ولكن هناك بعض تطبيقات الجى.پى.إس المتخصصة التي تستخدم لتعيين الوقت بدقة ، مثل: “نقل الوقت”، وضبط توقيت إشارات المرور، ومزامنة محطات الهاتف النقال الرئيسية.

رغم الحاجة إلى أربعة أقمار صناعية للقيام بالعمل بشكل الطبيعى؛ يمكن استخدام عددا أقل في حالات خاصة – فإذا كان أحد المتغيرات معلوماً بالفعل يمكن لجهاز الاستقبال تحديد موقعه باستخدام ثلاثة أقمار صناعية فقط (مثلاً: يمكن أن تكون السفينة أو الطائرة قد حددت ارتفاعها عن سطح البحر). تستخدم بعض أجهزة استقبال الجى.پى.إس أدلة أو افتراضات إضافية ، (مثل: إعادة استخدام آخر ارتفاع تم الحصول عليه ، والقياس بالحدس اعتماداً على قياس سابق ، والملاحة بالقصور الذاتي ، وإدراج معلومات حاسب المركبة) من أجل إعطاء حساب غير دقيق للموقع عندما يكون عدد الأقمار الصناعية المرئية أقل من أربعة أقمار.

المـزايـا

  • يتيح النظام فرصة الوصول إلى معلوماتٍ سريعة ودقيقة حول الموضع والمسار والسرعة، الأمر الذي يؤدي إلى وفر في وقت البحارة والوقود خلال الكشف عن دروب ملاحية أكثر فعالية.
  • يوفر معلوماتٍ ملاحية دقيقة بالنسبة لركاب الزوارق.
  • يحسِّن مستوى الدقة والكفاءة لوضع العوامات(=الشمندورات) وعمليات الكنس والتطهير.
  • يعزز الكفاءة ويضمن الإقتصاد في إدارة الحاويات في منشآت الموانئ.
  • يرفع مستوى السلامة والأمان للسفن التي تستخدم “نظام التعرف الأتوماتيكي”

You cannot copy content of this page